الثلاثاء، 10 مارس 2009

البكــاء بين يدى جمـــالات القـــرد

فى المرة الأولى التى رأيتها فيها لم أتمالك نفسى من الضحك . كان المشهد غاية فى الغرابة ...صبى يقود عربة تريسيكل و فى داخل الصندوق تقبع امرأة كانت تشرئب بعنقها تتطلع الى الشارع . كنت أنتقلت للسكنى بهذا الحى حديثاً , و لهذا فقد أفهمنى ذوو الأقدمية أن هذا المنظر عادى و أن راكبة التريسيكل هى أشهر أمرأة بالمنطقة . عندما أستفسرت عمن تكون قالوا لى : انها جمــالات القـــرد ! هتفت مفزوعاً : جمالات مين ؟ أجابوا جمــالات القـــرد .. هى بالأساس دلالة تبيع الملابس بالتقسيط , و كما تتاجر أيضاً فى الحلويات و خاصة العسلية , و تستخدم التريسيكل فى نقل البضاعة , و أعتادت أن تضع نفسها داخله ثم تملى على السائق التلميذ خط السير . قلت : لا بأس .. أكل العيش أصبح يحتاج لشغل قــرود فعلاً . قالوا : نعم و لكن البأس كل البأس فى أن الست جمالات هى فى نفس الوقت ناظرة مدرسة , و أنها تستخدم المدرسين و التلاميذ فى الترويج لبضائعها , كما أنها تذهب بعربة التريسيكل الى المدرسة فى الصباح حاملة معها أصابع العسلية و أكياس الشيبسى تبيعها لحسابها فى المدرسة , علاوة على هذا هى تقلى طعمية و بطاطس و تقوم بعمل سندويتشات و تبيعها فى الفسحة للتلاميذ , و الغريب أن أحد الأساتذة يتولى امســاك دفاتر حسابات أبلة جمــالات و متابعة المخزون و المنصرف , و هى لا تتورع عن عمل جرد مفاجىء عليه بين وقت و أخر ! قلت لا شك أنكم تهزلون , كيف يمكن أن تكون ناظرة مدرسة و دلالة فى نفس الوقت , و كيف تتخذ من المدرسة مسرحاً لتجارتها العجيبة , و كيف تستغل التلاميذ فى عملية البيع ... ألا يوجد رؤساء و مفتشون .., و هل هذه المدرسة تتبع الادارة التعليمية لوالد الست جمالات ... الأستاذ القــرد ..؟ و بالمناسبة هل هذا هو أسمها الحقيقى ؟ ضحك القوم و أخبرونى بأن هذا هو أسم الشهرة الذى أطلقه عليها زبائنها الذين ربطوا بين سحنتها و بين القردة العليا , و أقتنعوا أن نظرية النشـــوء و الأرتقــاء لداروين قد تعطلت فى مرحلتها قبل الأخيرة فيما يخص جمالات . أما عن المفتشين و الرؤساء فمن الذى يستطيع أن يتصدى لها و هى أمينة المرأة بالحزب عن الحى , و صديقة القيادات و تستطيع أن تنفى أكبر شنب يفكر فى التصدى لها و أعتراض قوافل تجارتها أو لمس التريسيكل ! و بمناسبة التريسيكل فقد سألت العارفين : ألا تستطيع بكل ما تحصده من مال أن تركب سيارة مثل " ال بنى أدمين " ؟ قالوا لى أنها تملك عدة سيارات و كلها تاكسيات تجوب شوارع المدينة كما تملك أكثر من توك توك بالمنطقة , لكنها لا تجد راحتها الا على التريسيكل . سمعت الكثير من الأخت جمالات , و على قدر ما كان باعثاً على الضحك من غرابته , كان يثير الأسى على هذا البلد المنفلت و المندفع نحو الهاوية , اذ ان الســت الناظرة كانت تفرض اتاوات شهرية على المدرسين مقابل الدروس الخصوصية و مجموعات التقوية التى يعطونها , و لم تكن تمنح اعفاء للمدرسين الذين لا يريدون اعطاء دروس , مما حدا بهم الى التوحش مع التلاميذ من أجل جمع شهرية القــرد . لم تكن كذلك ترق أو تلين لأى مصاب طارىء يلم بأحد المدرسين , و الكل يذكر كيف أرغمت مدرساً كسرت ساقه على الحضور للمدرسة يومياً و رفضت منحه اجارة حتى يفصل القوميسيون الطبى فى أمره , مما جعل زملاءه يحملونه يومياً الى المدرسة , و الأغرب أنها تقاضت منه الاتاوة الشهرية عن نفس الشهر الذى قضاه فى فى الجبس و لم ترحم دموعه و توسلاته !! كم هى مؤلمة حياة الناس فى هذا الوطن .. ان المجتمعات الديمقراطية قادرة على تلافى أضرار الشخصيات السيكوباتية أمثال جمالات القرد و تحجيمها الى الحد الأدنى , لأنه مهما بلغ الشر و العدوانية بالشخص , فان سلطاته لا تكون مطلقة , و مراجعته و محاسبته تكون دائماً ممكنة . لكن فى ظل الأستبداد بالسلطة و غياب القانون فان السيكوباتيين يكونون دائماً الأقدر على تقدم الصفوف , و الحصول على مواقع تتيح لهم تحقيق مكاسب فاحشة على حساب الناس مع القدرة على قهر البشر و التمتع بأذلالهم , و أنا أؤمن بأن كثيراً من المسؤولين الذين ألحقوا الأذى بالمصريين كانوا على شاكلة الست جمالات القرد , بل كانوا مثلاً عليا لها , و هم لا شك قد ألهموها و منحوها أفكاراً جديدة تتعلق بالأحتكار و الأنفراد بالسوق و مراكمة الثروة و أستغلال النفوذ , و أعتبار الوظيفة مغنماً و المرؤوسين مطــايا , و ممارسة التجارة مع الوظيفة و التجارة بالوظيفة . ان جمالات القرد لا تفترق كثيراً عن نجوم المرحلة .... فلان الوزير أو علان النائب أو ترتان رئيس التحرير , فكل " يبرطع " فى منطقة نفوذه و داخل حدوده الأقطاعية التى و ضع يده عليها , و مثلما يبكى المصريون من الأخ السيكوباتى الذى لا يستطيع أحد أن يلوى ذراعة , و زميله الملاكم السادى الذى يكره القضاة و لا يفكر الا فى ايذائهم , فان المدرسين و التلاميذ يبكون جبروت الناظرة الدلاله التى تستعد لانتخابات المحليات و هى البارعة فى التزوير و فى تقفيل اللجان و القاء الرعب فى قلوب الخصوم . و من لا يصدقنى و يتصور أن جمالات شخصية خيالية عليه أن يأتى الى ناصية شارعنا فى الصباح الباكر ليرى التريسيكل قادماً من بعيد , و من داخل الصندوق تظهر رأس جمــــالات القـــرد .....!!؟؟

هناك تعليق واحد:

  1. اتمني لو كانت ترفه او قصه خرافيه
    لكن لو هي حقيقه اعتقد اننا غدا سنكون داخل اقفاص القرده والقرده هي خارجة

    ردحذف